أشهر السيوف السيوف اليمانية
اشتهرت بلاد اليمن بجودة سيوفها بسبب وفرة مناجم المعدن فيها، إذ يكثر وجوده في عدة جبال، كما يذكر الهمداني المؤرخ. ومن هذه المناجم ما يكثر بها من معدني الذهب والفضة في جبل خولان، وفي جبال مدن إب وبني غصين والرضراض. وفي نهم عدة مناجم للمعدن يستخلص منها الحديد، وكذلك في جبل نقم المطل على مدينة صنعاء وفي جبال مأرب بالقرب من سدها القديم بعض مناجم المعادن. وقد ذاع نوع من المعادن عرف باسم "الشزب: يصنع منه ألواح وصفائح وقوائم سيوف ونصل وسكاكين". واشتهرت مدينة صعدة في شمال اليمن باستخلاص مادة الحديد اللازمة لصناعة السيوف. وكانت السيوف "اليرعشية" في مقدمة أنواع السيوف اليمانية التي ذاع صيتها قبل الإسلام، منذ زمن الملك شمَّر يَرْعَش وقد عرفت بالسيوف الحميرية. تميزت السيوف اليمانية بجودتها وصلابتها وليونتها وقيل فيها كثير من الأشعار التي تصفها بصفات مختلفة منه:
وأبيض صارم ذكر يمانــي بأسمر من رماح الحظ لدن
وكذلك: غضب مضاربها باق بها الأثر كأنهم أسيف بيض يمانـية
...
كما ورد ذكرها في السير الشعبية، كسيرة عنترة العبسي، وسيرة الملك سيف بن ذي يزن، وسيرة بني هلال. وعرف من أسماء صناع السيوف اليمانية (القيون) عمرو بن أسد خِزيمة، من (جبل لبني أسد) قُساس، وأشتهر سيف نسب إليه عرف بالقُسَّاسي ، ومنهم خباب بن الأرت، وسريح بن أسد، وإليه ينسب نوع من السيوف عرفت باسم السيوف السيريحية نسبة له. وتأتي السيوف اليمانية في مقدمة السيوف العتيقة، التي شبهها أبو عمر الكندي، بالفرس العتيق، الذي يراد به الكريم "فما لحقته خواص الكريم فهو عتيق في أي دهر صنع". ويصفها هذا المؤرخ بقوله "جوهرها مستطيل معرج متساوي العقد". كما يصف أيضاً السيوف التي طبعت باليمن بقوله "يكون منها أربعة قدود". ومن العلامات المميزة للسيوف اليمانية العتيقة قبل الإسلام وجود ثقبين في سنبل السِّيلان: "ما يدخل من السيف في النِّصاب"، يكون فيه ثقب السنبل من إحدى وجهتيه أوسع من الوجهة الأخرى أو الواجهتان متساويتان ووسطه أضيق. ومن أشهر السيوف اليمانية العتيقة الصمصام، وقُدر عرض نصله بثلاث أصابع تامة. وهو سيف ذو حد واحد لا ينثني، وله شفرة حادة والأخرى جافة. ومن أشهر سيوفه صمصامة عمرو بن معد يكرب الذي أهداه بعد إسلامه إلى خالد بن العاص عامل الرسول، r على اليمن وقد قيل في هذا السيف أبيات من الشعر منها:
ضيـاء فلم تكـد تســتبين فإذا سـللته بهر الشمــس
الجاري في صفحته ماء معين وكأن الفرنــد والرونــق
وقد آل هذا السيف بعد ذلك إلى خالد بن عبد الله القسرى، ثم ظل عند بني مروان حتى ذهب ملكهم من الشام، ويقال إِنه انتقل بعد ذلك إلى خزائن الفاطميين. ومن أهم مميزات الصناعة في السيف اليماني، وجود "الشهادست" و"الداست" على نصله. والشهادست شطب على نصل السيف مكون من زوايا مربعة داخل الشطب نفسه بحيث تبدو متساوية على وجه النصل. وأما الداست فيعني وجود شطب واحد في الوسط، واثنين في الشفرتين. كذلك فإن السيوف اليمانية المعروفة بالمشرفية تأتي في مقدمة أنواع السيوف العتيقة، وهي نسبة إلى قرى من أرض العرب تدنو من الريف في اليمن ذكرها النويري، وفيها يقول الشاعر:
ومسنونة زرق كأنياب أغوال أيقتلني والمشرفي مضاجعي
كما اشتهرت أيضاً السيوف اليمانية العريضة ذات الحدين، وسيوف أخرى محفورة أشطابها شبيهة بالأنهار. السيوف الهندية كانت الجزيرة العربية تستورد السيوف من خارجها بجانب، صناعة السيوف المحلية، وخاصة من الهند . وقد ورد في أشعار العرب ما يشير إلى وجود السيوف الهندية في الجزيرة العربية، ومن ذلك شعر الخنساء في رثاء أخيها:
رقيق الحدِ مصقولُ رحيضِ بكل مهند عضب حســـام
وفي قول الأعشى:
أن ليس يدفع عن ذي الحيلة الجيل في فتية كسيوف الهند قد علموا
وقال قيس بن الخطيم:
إذا ما هن زايلن الضُمُـود كأن بطونهن سيوف هند
وقال مُزِّرد بن ضرار:
ذرى البيض لا تسلم عليه الكواهل وأملس هندي متى يَعْـلُ حدَّهُ
وقد وصف السيف الهندي بأنه يتعدى البيضة المعدنية التي توضع على الرأس، بقطعها ويجوزها حتى يقطع الكاهل. ولذلك كان استيراد السيوف الهندية مهماً في شبه الجزيرة العربية، لأن صناعتها أفضل من تلك المصنوعة فيها. وقد تميزت السيوف العربية بأنها صلبة قاطعة تُبري الأذرع والسيقان وتغلق السهام. قال الشاعر:
لم يَنْبُ عنها ولم ينثلم إذا ما يصادف صُمّ العظام
فكانت السيوف العربية تقطع حديد الدرع، وتقطع مغاليق الحصون الحديدية، وغيرها كالسلاسل ونحوها. وقد تراوحت السيوف العربية بين الطول والقصر، إذ إِن بعض القبائل العربية عرفت بطول سيوفها كبني عبد المطلب، بينما فضّلت بعض القبائل السيوف القصيرة للدلالة على الشجاعة والإقدام، قال الشاعر:
مددنا خطانا نحوها فتطــول إذا قصرت أسيافنا عن عداتنا
وكان علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ينصح لأتباعه أن يصلوا السيوف بالخطى، لإظهار الإقدام والشجاعة.
سيوف النبي ( صلي الله عليه وسلم )
--------------------------------------------------------------------------------
سيوف النبي rتحدثت كتب السيرة عن السيوف المنسوبة للرسول r وعددها تسعة سيوف، أورد الشاعر أسماءها في قوله: رسوب والمخدم ذوالفقار لهادينا من الأسياف تسـع وقلعـي ومأثور الفجـار قضيب حتف والبتار عضب
وكل للعـدا سبب البـوار وحكمهـا تناسب آي موسى
وعلى ذلك كان لكل سيف من سيوف رسول الله r اسم ومصطلح خاص به. ومن هذه السيوف (المأثور) الذي كان يمتلكه r في شبابه عند البعث، وبقي معه في مكة المكرمة وآثره على كل ما عداه من عدة ومتاع. فهاجر به الرسول r من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة وقد انتقل هذا السيف بعد وفاه الرسول r إلى سيدنا علي بي أبي طالب. وهو محفوظ حالياً في غرفة الأمانات المقدسة في إستانبول. وأول ما عُرف هذا السيف كان في حرب الفِجار في الجاهلية، وهي الحرب التي حضرها الرسول r وهو في سن الخامسة عشرة . (وهي من أيام العرب كانت بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان في الجاهلية كانت الغلبة فيها لقريش، وإنما سمّت قريش هذه الحرب فجاراً لأنها كانت في الأشهر الحرم فلما تقاتلوا فيها قالوا: قد فجرنا؛ فسميت "فجاراً") ومن سيوف الرسول r السيف المشهور والمعروف باسم (ذو الفقار)، الذي غنمه يوم بدر وكان من قبل للعاص بن صبنة السهمي. وقد تميز هذا السيف بحزوز مثل فقرات الظهر في وسطه، ولذلك سمي بهذا الاسم. وظل هذا السيف لا يفارق رسول الله r في كل حروبه. ثم انتقل بعد وفاة الرسول r إلى سيدنا علي كرم الله وجهه، ثم صار لبنيه من بعده. ومن المعروف أن رسول الله r كان يتوشح بالسيف في عنقه بواسطة حمالة على الطريقة العربية المتبعة في ذلك الحين، ولا يشده في الوسط كما يُفْعل الآن. أمّا السيف المسمى (القضيب) من سيوف رسول الله، فقد تميز بخفته، وكان طوله حوالي المتر. ويرجح وجوده ضمن مقتنيات متحف طوب كابي سرايي Top Kapi Sarayi، في إستانبول ضمن الأسلحة الفريدة. وكان السيف القضيب من السيوف المحببة لرسول الله r إذ كان سيفا قاطعا، وقد تقلده عليه الصلاة والسلام في بدر. ثم آل بعد وفاته r إلى عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه. ومن سيوف الرسول r السيف المعروف (بالبتار)، الذي اخذه من يهود بني قينقاع، عندما أجلاهم لخيانتهم.
.........منقول ...........
Bookmarks